کد مطلب:352933 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:284

عائشة فی حیاة النبی
وإذا ما بحثنا حیاتها مع زوجها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وجدنا

الكثیر من الذنوب والمعاصی فكانت كثیرا ما تتآمر مع حفصة علی النبی حتی اضطرته إلی تحریم ما أحل الله له كما جاء ذلك فی البخاری ومسلم وتظاهرتا علیه أیضا كما أثبت ذلك كل الصحاح وكتب التفسیر وقد ذكر الله الحادثتین فی كتابه العزیز. كما كانت الغیرة تسیطر علی قلبها وعقلها فتتصرف بحضرة النبی تصرفا بغیر احترام ولا أدب، فمرة قالت للنبی صلی الله علیه وآله وسلم عندما ذكر عندها خدیجة: مالی ولخدیجة إنها عجوز حمراء الشدقین أبدلك الله خیرا منها، فغضب لذلك رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حتی اهتز شعره [1] ومرة أخری بعث إحدی

أمهات المؤمنین للنبی (وكان فی بیتها) بصحفة فیها طعام كان النبی صلی الله علیه وآله وسلم یشتهیه، فكسرت الصحفة أمامه بطعامها [2] وقالت للنبی مرة أخری: أنت



[ صفحه 75]



الذی تزعم أنك نبی الله [3] ومرة غضبت عنده فقالت له: اعدل وكان أبوها حاضرا

فضربها حتی سال دمها [4] وبلغ بها الأمر من كثرة الغیرة أن تكذب علی أسماء بنت

النعمان لما زفت عروسا للنبی صلی الله علیه وآله وسلم، فقالت لها: أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم لیعجبه من المرأة إذا دخل علیها أن تقول له أعوذ بالله منك، وغرضها من وراء ذلك هو تطلیق المرأة البریئة الساذجة والتی طلقها النبی بسبب هذه المقالة [5] وقد بلغ من سوء أدبها مع حضرة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم،

أنه كان یصلی وهی باسطة رجلیها فی قبلته فإذا سجد غمزها فقبضت رجلیها وإذا قام أعادت بسطتها فی قبلته [6] .

وتآمرت هی وحفصة مرة أخری علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حتی اعتزل نساءه بسببها لمدة شهر كامل ینام علی حصیر [7] ولما نزل قول الله تعالی: ترجی

من تشاء منهن وتؤوی إلیك من تشاء قالت للنبی فی غیر حیاء: ما أری ربك إلا یسارع فی هواك [8] وكانت عائشة إذا غضبت (وكثیرا ما كانت تغضب) تهجر اسم النبی صلی الله

علیه وآله وسلم فلا تذكر اسم محمد وإنما تقول ورب إبراهیم [9] .

وقد أساءت عائشة إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كثیرا وجرعته الغصص ولكن النبی صلی الله علیه وآله وسلم رؤوف رحیم، وأخلاقه عالیة وصبره عمیق، فكان كثیرا ما یقول لها: ألبسك شیطانك یا عائشة وكثیرا ما كان یأسی لتهدید الله لها ولحفصة بنت عمر، وكم من مرة ینزل القرآن بسببها



[ صفحه 76]



فقد قال تعالی لها ولحفصة: وإن تتوبا إلی الله فقد صغت قلوبكما، أی أنها زاغت وانحرفت عن الحق [10] وقوله: إن تظاهرا علیه فإن الله هو مولاه وجبریل وصالح

المؤمنین والملائكة بعد ذلك ظهیرا هو تهدید صریح من رب العزة لها ولحفصة التی كانت كثیرا ما تنصاع لها وتعمل بأوامرها. وقال الله لهما: عسی ربه إن طلقكن أن یبدله أزواجا خیرا منكن مسلمات مؤمنات وهذه الآیات نزلت فی عائشة وحفصة بشهادة عمر بن الخطاب كما جاء فی البخاری [11] فدلت هذه الآیة لوحدها علی وجود نساء

مؤمنات فی المسلمین خیر من عائشة. ومرة بعثها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لما أراد أن یخطب لنفسه شراف أخت دحیة الكلبی، وطلب من عائشة أن تذهب وتنظر إلیها ولما رجعت كانت الغیرة قد أكلت قلبها فسألها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما رأیت یا عائشة؟ فقالت: ما رأیت طائلا! فقال لها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: لقد رأیت طائلا، لقد رأیت خالا تجدها اقشعرت منه ذوائبك. فقالت: یا رسول الله ما دونك سر، ومن یستطیع أن یكتمك [12] .

وكل ما فعلته عائشة مع حضرة النبی صلی الله علیه وآله وسلم من مؤامرات كانت فی أغلب الأحیان تجر معها حفصة بنت عمر والغریب أننا نجد تفاهما وانسجاما تاما بین المرأتین عائشة وحفصة كالانسجام والتفاهم بین أبویهما أبو بكر وعمر غیر أنه فی النساء كانت عائشة دائما هی الجریئة والقویة وصاحبة المبادرة وهی التی كانت تجر حفصة بنت عمر وراءها فی كل شئ. بینما كان أبوها أبو بكر ضعیفا أمام عمر الذی كان هو الجرئ والقوی وصاحب المبادرة فی كل شئ ولقد رأینا فی ما مر من الأبحاث أنه حتی فی خلافته كان ابن الخطاب هو الحاكم الفعلی - وقد حدث بعض



[ صفحه 77]



المؤرخین أن عائشة لما همت بالخروج إلی البصرة لمحاربة الإمام علی فیما سمی بحرب الجمل أرسلت إلی أزواج النبی صلی الله علیه وآله وسلم أمهات المؤمنین تسألهن الخروج معها فلم یستجب لها منهن إلا حفصة بنت عمر التی تجهزت وهمت بالخروج معها لكن أخاها عبد الله بن عمر هو الذی منعها وعزم علیها فحطت رحلها [13] ومن أجل ذلك

كان الله سبحانه یتهدد عائشة وحفصة معا فی قوله: وإن تظاهرا علیه فإن الله هو مولاه وجبریل وصالح المؤمنین والملائكة بعد ذلك ظهیرا وكذلك قوله: إن تتوبا إلی الله فقد صغت قلوبكما ولقد ضرب الله لهما مثلا خطیرا فی سورة التحریم لیعلمهما وبقیة المسلمین الذین یعتقدون بأن أم المؤمنین تدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب لأنها زوجة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم كلا، فقد أعلم الله عباده ذكورا وإناثا بأن مجرد الزوجیة لا تضر ولا تنفع حتی ولو كان الزوج رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وإنما الذی ینفع ویضر عند الله هو فقط أعمال الإنسان. قال تعالی: ضرب الله مثلا للذین كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدین من عبادنا صالحین فخانتاهما فلم یغنیا عنهما من الله شیئا وقیل أدخلا النار مع الداخلین [التحریم: 10]. وضرب الله مثلا للذین آمنوا امرأة فرعون إذا قالت: رب ابن لی عندك بیتا فی الجنة ونجنی من فرعون وعمله ونجنی من القوم الظالمین. ومریم ابنة عمران التی أحصنت فرجها فنفخنا فیه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتین [التحریم: 11 - 12]. وبهذا یتبین لكل الناس بأن الزوجیة والصحبة وإن كانت فیهما فضائل كثیرة إلا أنهما لا یغنیان من عذاب الله إلا إذا اتسمتا بالأعمال الصالحة، وإلا فإن العذاب یكون مضاعفا. لأن عدل الله سبحانه یقتضی أن لا یعذب البعید الذی لم یسمع الوحی كالقریب الذی ینزل القرآن فی بیته والإنسان الذی عرف الحق فعانده كالجاهل الذی لم یعرف الحق.



[ صفحه 78]



وإلیك الآن أیها القارئ بعض روایاتها بشئ من التفصیل لكی تتعرف علی شخصیة هذه المرأة التی لعبت أكبر الأدوار فی إبعاد علی عن الخلافة وحاربته بكل ما أوتیت من قوة ودهاء. ولكی تعرف أیضا بأن آیة إذهاب الرجل والتطهیر بعیدة عنها بعد السماء عن الأرض، وأن أهل السنة أكثرهم ضحایا الدس والتزویر فهم أتباع بنی أمیة من حیث لا یشعرون.


[1] صحيح البخاري: 4 / 231 باب تزويج النبي صلي الله عليه وآله وسلم خديجة وكذلك صحيح مسلم.

[2] صحيح البخاري: 6 / 157 في باب الغيرة.

[3] إحياء علوم الدين للإمام الغزالي: 2 / 29 كتاب أدب النكاح.

[4] كنز العمال: 7 / 116 وكذلك إحياء العلوم للغزالي.

[5] الطبقات الكبري لابن سعد: 8 / 145. الإصابة لابن حجر: 4 / 233. تاريخ اليعقوبي: 2 / 69.

[6] صحيح البخاري: 1 / 101 باب الصلاة علي الفراش.

[7] صحيح البخاري: 3 / 105 في باب الغرفة والعلية المشرفة من كتاب المظالم.

[8] صحيح البخاري: 6 / 24 و 128 باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد. صحيح مسلم باب جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها.

[9] صحيح البخاري: 6 / 158 باب غيرة النساء ووجدهن.

[10] صحيح البخاري: 3 / 106 باب الغرفة والعلية من كتاب المظالم.

[11] صحيح البخاري: 6 / 69 و 71 باب وإذا أسر النبي إلي بعض أزواجه.

[12] طبقات ابن سعد: 8 / 115. كنز العمال: 6 / 294.

[13] ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة: 2 / 80.